نموذج تحليل قولة من مؤلف "ظاهرة الشعر الحديث" . 2.

 

نموذج تحليل قولة من مؤلف "ظاهرة الشعر الحديث" .  2.

 



ورد في مؤلف "ظاهرة الشعر الحديث" لأحمد المعداوي المجاطي ما يلي:

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

"... من هنا كأن إحساس الشاعر بالغربة هو أول حقيقة تواجهنا في علاقته بالمدينة ومن فيها من أناس وقيم وأشياء، وقد سلك للتعبير عن هذا الإحساس سبلا مختلفة..."

أحمد المعداوي المجاطي، ظاهرة الشعر الحديث، شركة النشر والتوزيع المدارس، ط2، 2007، ص: 72.

                                           ➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

انطلق من هذه القولة ، ومن قراءتك المؤلف النقدي، ثم اكتب موضوعا متكاملا تنجز فيه ما يأتي:

  • تحديد موقع القولة في سياقها العام داخل المؤلف.
  • إبراز سبب اهتمام الشاعر العربي الحديث بالمدينة، وسبل التعبير عن إحساسه بالغربة فيها.
  • بيان المنهج الذي اعتمده الكاتب في دراسة الغربة في المدينة في الشعر العربي.
  • صياغة خلاصة تركيبية تبرز فيها قيمة مؤلف "ظاهرة الشعر الحديث".

                                                             ➖➖➖➖➖➖➖➖

وضع المؤلف في سياقه العام:

 

لقد أسهمت التحولات الاجتماعية والثقافية التي شهدها العالم العربي في القرن العشرين، في بلورة فكر نقدي أراد أن يبرز الإنتاج العربي، ويقدمه للقارئ في أوضح صوره. ويشكل كتاب "ظاهرة الشعر الحديث" نموذجا لهذا الفكر النقدي، حيث استفاد مؤلفه أحمد المعداوي الشاعر والناقد المغربي من هذا الواقع، ومن تسرب المناهج النقدية الحديثة إلى الأدب العربي، ليصبح من أبرز النقاد العرب الذين أخذوا على عاتقهم مهمة دراسة الشعر العربي الحديث، ورصد تطوره وتتبع مساره لمدة عقدين من الزمن (1947-1967). فكيف حدد الناقد أشكال تعبير الشاعر الحديث عن غربته في المدينة؟ وما سبب اهتمام الشعراء المحدثين بهذا اللون من الغربة؟ وما هي الوسائل النقدية التي اعتمدها الكاتب في دراسة هذه التجربة الشعرية؟ وأين تكمن القيمة النقدية لهذا المؤلف؟

تحديد سياق القولة:

القولة موضوع هذا السؤال، وردت ضمن مضامين الفصل الثاني "تجربة الغربة والضياع"، الذي حدد أشكال الغربة في الشعر العربي الحديث، بما فيها الغربة في الكون، وفي الحب، والغربة في الكلمة، والغربة في المدينة.

إبراز سبب اهتمام الشاعر العربي الحديث بالمدينة، وسبل التعبير عن إحساسه بالغربة فيها:

وبخصوص سبب اهتمام الشاعر العربي الحديث بالمدينة، وسبل التعبير عن إحساسه بالغربة فيها، فقد أشار المعداوي إلى أن تجربة الغربة والضياع شكلت أهم الموضوعات التي غذت مضامين الشعر الحديث. وقد ارتبطت هذه التجربة بحالة اليأس والمعاناة التي لزمت شعراء هذه المرحلة. ومرد ذلك إلى الواقع المتأزم الذي أضحت تعيشه الأمة العربية كلها، بفعل نكبة فلسطين(1948)، وما رافقها من شعور بالغربة والضياع، عبر عنه كل شاعر من منظوره الخاص، لتظهر أنماط مختلفة من الاغتراب، منها الغربة في المدينة موضوع تحليلنا.

فقد أصبحت المدينة تشكل الوجه الحضاري للأمة خاصة الجانب السياسي منها، وهكذا رأى الشاعر الحديث المدن العربية وقد فقدت الكثير من أصالتها، بعد أن غزتها مظاهر المدينة الأوروبية التي لا تتناسب في جدّتها وتقدمها مع الواقع العربي المهزوم. فكان هذا أهم أسباب إحساس الشاعر العربي بالغربة في هذه المدن. ويرى "المجاطي" من خلال هذه القولة أن الشاعر الحداثي قد سلك في التعبير عن إحساسه سبلا مختلفة؛ فتارة كان يصوٍّر المدينة في ثوبها المادي، وحقيقتها المفرغة من المحتوى الإنساني؛ مثل ما فعل "عبد المعطي حجازي" في ديوانه "مدينة بلا قلب"، وتارة يصور الناس في المدينة يغلفهم الصمت، ويثقلهم الإحساس بالزمن، وتغيب عندهم قيم التضامن والتعاون، لدرجة أن الشخص لو مات في زحمة المدينة فلن يعرفه أحد كما قال صلاح عبد الصبور" في قصيدته "أغنية الشتاء"، وقد تبلور هذا اللون لاحقا في ما يعرف بشعر المدينة  الذي وجهت نحوه أقلام نقدية عدة.

المنهج النقدي المعتمد في الفصل:

   وليحيط بجوانب هذه التجربة الشعرية، وقيمتها المضمونية، اعتمد الكاتب في بناء هذا الفصل بالأساس على المنهج التاريخي ليتتبع نشأة الشعر الحديث، اعتمادا على الوقائع التاريخية والتحولات الاجتماعية والفكرية المصاحبة له، كما اعتمد على المنهج البنيوي التكويني ليستخلص خصوصيات التجربة من خلال إنتاجات الشعراء، ويبحث في العناصر المتحكمة فيها. وقد مكنت هذه المقاربة النقدية الكاتب من الوقوف على تيمة الغربة والضياع مصطلحا مشتركا بين شعراء هذه التجربة، يتشكل تبعا لوضعيات الشاعر من الكون والمدينة والحب والكلمة .

       قيمة المؤلف الفنية:

لا شك أن لهذا الكتاب قيمة نقدية كبيرة في الساحة الأدبية، بالنظر إلى موضوعيته وشموليته وبنائه المحكم، المنسجم منهجيا ولغويا وحجاجيا. وكذلك بالنظر إلى تمكنه من الجمع بين التنظير والتطبيق في مقاربته للنماذج الشعرية التي درسها. ويستمد الكتاب أهميته أيضا بتفوقه على الاجتهادات التي ترددت في المشرق ليجعل المغرب رائدا في مجال نقد الشعر الحديث، في وقت اتسمت فيه الدراسات من هذا النوع بالندرة. لكن هذه الإيجابيات لا تخفي في الحقيقة بعض الملاحظات حول مدى توفق الكاتب في الجمع بين المناهج المختلفة والمتضاربة أحيانا، إضافة إلى تسرب الأحكام الذاتية إلى تقييم النماذج الشعرية التي توقف عندها الكتاب.

 

 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-