رواية اللص والكلاب تتبع الحدث.

 

رواية اللص والكلاب:

 



ثانيا:  تتبع الحدث:


1.   محطات الحدث الكبرى:


   تبدأ فصول رواية بخروج سعيد مهران من السجن وتنتهي باستسلامه للبوليس بعد مقاومة يائسة. وبين الخروج من السجن والاستسلام تتوالى أحداث أساسية وكأن قدر هذا البطل أن يجد نفسه، وهو يعانق الحرية، مضطرا لأن يقوم بأعمال تؤدي به إلى المقصلة. وتتحكم في تواتر هذه المادة الحكائية خمسة مفاصل كبرى يمكن تحديدها كالتالي:


1.1. مرحلة الخروج:


   يخرج سعيد مهران من السجن ويتجه الى بيت زوجته نبوية التي طلبت الطلاق منه وهو في السجن، لتتزوج تابعه عليش. وقد كان هدفه من هذه الزيارة استرجاع ابنته سناء، لكن هذه الأخيرة رفضته لأنها لم تعرفه. وتنتهي هذه المقابلة بإنكار البنت لأبيها، ولم يبق له سوى المطالبة بكتبه. لكن عليش أخبره بأن أغلبها مزقته سناء ولم يحمل إليه إلا مجموعة مما بقي منها. 


2.1. مرحلة البحث:


   غادر سعيد مهران بيت عليش أكثر حقدا وغضبا. فبحث عن مأوى لكنه لم يجد غير مقام الشيخ الجنيدي. اتجه إليه وأخبره بما حصل له، لكن الشيخ كان يخاطبه بلغة لم يتواصل معها. أمضى عنده ليلته وترك الكتب في زاوية من المقام. في اليوم التالي تصفح جريدة الزهرة باحثا عن عنوان صديقه وأستاذه القديم رؤوف علوان، لعله يساعده في الحصول على عمل في الجريدة. لم يتحقق اللقاء الأول لأن علوان كان في اجتماع، فقرر أن ينتظره أمام بيته.


   ولما عاد رؤوف اصطحبه إلى قصره، فأخبره سعيد بما جرى وسأله أن يجد له عملا معه في الجريدة. لكن علوان رده خائبا وأعطاه ورقتين نقديتين من فئه خمسة جنيهات مبينا له أن العلاقة بينهما لا يمكن أن تستمر، خاصة إذا أصر مهران على مواصلة السر قة. خرج بفشل آخر وقرر أن ينتقم من الثلاثة، وأن يبدأ بالمكان الأقرب: قصر رؤوف علوان. نجح في اقتحام البيت، لكنه وجد علوان في انتظاره فاستعطفه ألا يخبر البوليس بعدما سحب منه الأوراق النقدية. أكد له علوان أن العلاقة بينهما قد انتهت.


    فخرج من القصر وقد تعززت لديه فكرة الانتقام ولم يبق له إلا أن يبحث عن أداة ينفذ بها الجري مة. فتوجه إلى مقهى صديقه القديم طرزان الذي استقبله بالأحضان، فسأله عن مسد- س ورصا - ص. فمكنه منهما دون أن يضطره إلى الاعتذار عن عدم قدرته على تسديد ثمنهما. بشره طرزان بوجود صديقته القديمة نور التي اتفق معها على استدراج ابن صاحب مصنع الحلوى بسيارته إلى الصحراء قرب المقهى. رحبت به نور التي كانت تحبه، واتفق معها على سر قة الشاب وسيارته بطريقه تبرئ مهران.


    وبالفعل اقتحم عليهما خلوتهما وأشهر المسد- س في وجه الشاب الذي خاف على حياته. فمكنه من حافظة نقوده ومن سيارته، بينما توجهت نور إلى البوليس مخبرة بما حدث، مقدمة أوصافا مخالفة لمهران، بناء على الاتفاق السابق بينهما. 


3.1. مرحلة الجري مة:


   بامتلاك المسد- س والرصا- ص وأداة الهرب، لم يبق له غير تنفيذ فكرة الا نتقا م. فتوجه إلى بيت عليش ونبوية، فحطم زجاج النافذة. وحين تقدم إليه شبح أطلق الرصا- ص عليه وولى هاربا تجاه مسكن الجنيدي. تبين له في اليوم الموالي أن القت يل هو شعبان، الذي سكن بيت عليش بعدما غادره خوفا على نفسه وزوجته من انتقام مهران. 


4.1. مرحلة المطاردة:


   إن المطاردة في هذه المرحلة مزدوجة. فهناك الصحافة بزعامة علوان الذي يؤلب الرأي العام ضده، ورجال البوليس والمخبرين الذين ملؤوا كل الفضاءات. توجه ليلا إلى بيت نور وأخبرها أنه سيقيم عندها طويلا. وطلب منها إحضار ثوب ليخيط بذلة ضابط في البوليس. توجه ليلا إلى قصر علوان، وبمجرد ما إن رأى السيارة ونزول شخص منها، أطلق عليه الرصا- ص فأرداه قت ^ يلا. 


   وتم تبادل إطلاق النار، فجرح سعيد جرحا خفيفا لكنه نجح في الهرب عائدا الى بيت نور. تبين له في الغد أن القت يل بواب رؤوف علوان، فازدادت حسراته ووساوسه، لأنه لا يقتل إلا الأبرياء بينما يظل المجرمون في منأى عن رصا^صه. 


5.1. الاستسلام:

 

   اختبأ في بيت نور التي لم تعد إليه. فأحس بالجوع، فخرج إلى مقهى طرزان الذي حمل إليه طعاما أكله بعيدا عن المقهى. وعند عودته اعترض طريقه ضابطان، انهال عليهما بالض رب وقصد بيت نور. في ذلك اليوم جاءت ربة البيت تحتج على تأخير تسديد الإيجار، فغادر المسكن في منتصف الليل قاصدا مقام الجنيدي.


    تبين له أنه نسي البذلة وعليه أن يسترجعها لكي لا يستدل بها البوليس على مكان وجوده بواسطة الكلاب. رجع إلى البيت لكنه وجد فيه صاحبته وزوجها، فدفعه بع نف وولى هاربا تجاه مسكن الجنيدي. وعند الفجر سمع أن الحي محاصر، فقرر أن يهرب نحو المقابر فتمت مطاردته. حاول المقاومة في البداية لكنه انتهى إلى الاستسلام. 


2.   مغزى الحدث ودلالته:


   يبدو من خلال تتبع الحدث أن الصراع لم يكن متكافئا بين ممثل القيم الأصيلة وممثلي القيم الزائفة. وهذا ما جعل مهران يخفق في تحقيق أهدافه. هذه الأخيرة تحتاج إلى مسألة أساسية وهي التنظيم والوعي. فقد نهج سعيد مهران العمل بمفرده. 


  والعمل الفردي لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة. كما أن عدم وضوح الرؤية الاجتماعية لديه، أدى به إلى الفشل، خاصة بعدما تداخل لديه البعد الذاتي متمثلا في الانتقام من خصومه بالعمل الجماعي المتمثل في الصراع ضد النظام، وهو ما شوش على رؤيته ووسع رقعة ضبابيتها. وبتداخل الذاتي مع الاجتماعي مع غلبة القناعة الذاتية، وجد مهران نفسه أمام مزيد من العزلة والفردانية. 

 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-