الشخص بوصفه قيمة

 

الشخص بوصفه قيمة

إشكال المحور:

أين تكمن قيمة الشخص؟

هل بوصفه غاية في حد ذاتها؟ أم مجرد وسيلة؟

يحيل مفهوم القيمة على ما يثير عناية المرء واهتمامه. والسؤال الذي يطرح من هذا التحديد هو كيف تتحقق قيمة الشخص؟

إيمانويل كانط:

 يرى الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط أن قيمة الشخص تتحدد  بوصفه غاية في ذاته، لأن الشخص هو الكائن الذي ينتمي إلى الطبيعة العاقلة من بين الموجودات. فهو الكائن الذي يتوفر على عقل أخلاقي عملي، يجعله يسمو عن جميع الموجودات، وبسخرها لخدمته لأن قيمتها مشروطة بمدى تحقيقها لحاجاته وميولاته.في الوقت الذي توجد فيه الكائنات العاقلة كغاية في ذاتها. 

ولتتحقق هذه الغاية فعليا على الواقع، يضع كانط قاعدتين أخلاقيتين باستحضارهما يعامل الإنسان كغاية في ذاته. الأولى مفادها " عامل الناس في شخصك كما في شخص غيرك  كغاية وليس كوسيلة بتاتا". والثانية "تصرف كما لو أن سلوكك يشكل قاعدة لعامة الناس ".

إن التصرف وفق هاتين القاعدتين هو ما يكسب الإنسان قيمة لم يسبق لها مثيل. وهي قيمة تتناسب وقيم الأنوار الأخرى كالحرية والعدالة والكرامة والمساواة.

إيمانويل مونيي:

في نفس الاتجاه الذي يسير فيه كانط، يرى إيمانويل مونيي أن الشخص قيمة لا تضاهيها قيمة أخرى. فهو ليس شيئا ولا موضوعا، ولا يمكن اختزاله في في صورة من صور الوجود الإنساني. لأن الشخص يتميز ويسمو عن بقية الكائنات بسمة التشخصن، أي الانتقال من حالة الكائن إلى حالة الشخص، وهذا ما يكسبه قيمة ويجعله غير قابل للتحديد أو التعريف، عكس الكائنات الأخرى. فهو كائن أساسه الإبداع والتواصل والانخراط وهذه السمات غير موجودة لدى الكائنات الأخرى.

لكن، ألا يمكن القول إن نظرتي كانط و مونيي صفة التمركز حول الذات والتي سمحت باستغلال الطبيعة بشكل مفرط يهدد الوجود الإنساني؟

طوم ريغان: 

طوم ريغان لم يستسغ النظريتين السابقتين. لأنه اعتبر نظرة كانط إلى الكائنات الأخرى، خاصة الحية بوصفها وسائل لخدمة الإنسان، نظرة لا أخلاقية. لذلك فإن ما يكسب الإنسان قيمة هو مبدأ الحياة الذي يتقاسمه مع باقي الكائنات الأخرى، وهو ما يفسر سبب احترامنا للأطفال والحمقى، والكائنات التي لا تتوفر على العقل الأخلاقي العملي.

 استنتاج:

يظهر أن الفلسفة عموما تنظر إلى الشخص بوصفه قيمة وغاية في ذاته، ولم تنظر إليه بتاتا كمجرد وسيلة، سواء أكان يحتكر لنفسه هذه الميزة أم يتقاسمها مع الكائنات الأخرى. لأن الفلسفة لا تقبل إطلاقا أن تكون للإنسان منزلة متدنية. فالفلسفة جاءت إنما جاءت لتدافع عن قيمة الإنسان وكرامته وحريته. لكن هل الشخص فعلا كائن حر أم خاضع للحتميات والضروريات؟

 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-