المنهج الاجتماعي والمنهج البنيوي:


مناهج نقدية:


تقديم:

   غالبا ما تثير إشكالية اختيار المناهج، في مقاربة النصوص الإبداعية جدلا كبيرا نظرا لمرونة هذه النصوص وتنوعها، باعتبارها ظاهرة اجتماعية ولغوية ونفسية. فلأن العمل الإبداعي إنتاج يبدعه المؤلف في إطار الجماعة التي ينتمي إليها، ويتجه به إلى جمهور القراء منها، فقد تناوله علم الاجتماع بالدراسة والتحليل. ولأنه نسق لغوي متكامل فقد شكل موضوعا لعلم اللسانيات، خاصة المنهج البنيوي، كما وجد علم النفس الطريق إليه – وبفروعه المختلفة – لكونه إبداعا فرديا يختزن خصوصية الذات التي أبدعته.

   يفهم من ذلك أن النص الأدبي ظاهرة روافدها متعددة، وهذا ما يفسر تعدد مناهج مقاربتها. لكن رغم تنوع هذه المناهج والمقاربات إلا أنها تنحصر في مقاربتين أساسيتين :

مقاربة النص من الخارج:  

   تعتبر هذه المقاربة أن النص الأدبي لا ينفصل عن مرجعيات خارجية، هي منطلق إنتاجه ومفتاح فهمه. بيد أن هذا المنطلق يكون تارة هو المجتمع والتاريخ، وتارة أخرى يكون هو الفرد المبدع. وعليه يمكن التمييز في إطار هذه المقاربة بين منهجين:

   أ- المنهجان التاريخي والاجتماعي:

"الجماعة هي منتجة النص": ذلك هو المبدأ الذي يقوم عليه هذان المنهجان، لذلك يدرسان العمل الإبداعي من حيث علاقته بمحيطه الاجتماعي، وبالعوامل الخارجية التي تحكمت في إنتاجه. وبناء على هذا التصور، يستمد المنهجان أدواتهما التحليلية من مرجعيات نظرية عدة، كالتاريخ، الاقتصاد، وعلم الاجتماع، ولا يعتبران الفرد المبدع إلا وسيطا بين النص الأدبي والجماعة التي ينتمي إليها، باعتباره معبرا عن تاريخها وصراعاتها.

   ب- المنهج النفسي:

      يركز المنهج السيكولوجي في دراسته للنص الأدبي على الفرد المبدع، ويعتبره مفتاحا لقراءة الأثر الإبداعي، الذي يراه مدخلا لفهم شخصية الأديب. لذلك يتوسل بالعلوم النفسية التي تهتم بدراسة السلوك البشري كنظرية فرويد في التحليل النفسي.

مقاربة النص من الداخل:

    تنطلق هذه المقاربة من كون اللغة هي مادة الأدب، ومن ثم فهي المدخل الأنسب لدراسته. لذلك ترى النص في كليته نسقا لغويا يتطلب فهمه تحليل قواعده وعلاقاته الداخلية، وتفكيك عناصره إلى مكوناتها الجزئية. ولتحقيق هذه الغاية تستمد هذه المقاربة مرجعيتها النظرية من اللسانيات، وتستند بالأخص إلى  المنهج البنيوي الذي يعتبر أن النص قادر على تفسير نفسه بنفسه دونما حاجة إلى الشروط الموضوعية الخارجة عنه. وبالتالي فقراءته يتعين أن تكون داخلية لا تخرج عن بنيته اللغوية المستقلة عن الظروف الخارجية التي تحكمت في إنتاجه.

 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-