خصائص الأسلوب في رواية اللص والكلاب:

 

تعرف الأسلوب:  


خصائص الأسلوب في رواية اللص والكلاب:    

      إن رواية اللص والكلاب محكمة البناء، لا يمكن حذف كلمة دون أن يتغير النص. ويمتاز أسلوب محفوظ في الرواية بالخصائص التالية:

   اللغة:

 هي لغة متفاوتة واضحة لاتكلف فيها. استعمل بموجبها الكاتب لغة فصحى تتخللها كلمات عامية مصرية دون مبالغة. وقد حرص محفوظ على نقاء لغته وتكثيفها، وأعطى لكل شخصية ما يناسبها من لغة حسب ثقافتها وموقعها الاجتماعي.

  الحوار:

    إن أول نوع من الحوار يهيمن على الرواية هو الحوار الداخلي. ويتحقق في اللحظات التي يخاطب فيها مهران شخصية عليش وعلوان في بداية الرواية، أو عندما يخلو إلى نفسه وحيدا يفكر في ما حدث لنور مثلا. وفي هذه اللحظات يقدم الراوي الحوار الداخلي باستعمال ضمير الغائب ممتزجا بضمير المتكلم. وتأتي هذه المقاطع الحوارية على شكل هلوسات لا نظام لها ولا ترتيب، وتتميز بالقصر والتكثيف، وتعبر بدقة عن مشاعر الشخصية.

 أسلوب المحاكمة:

    إلى جانب الحوار وظف الروائي حوارا ذاتيا يأخذ صبغة المحاكمة. وخلاله تتبدى أفكار مهران بطريقة ذاتية فيها الاعتراف والنقد الذاتي والدفاع عن النفس أيضا. وتصل أقصى درجات التعبير الذاتي عندما يحول مهران نفسه من ظالم إلى مظلوم باحث ببلاغة عن الحجة الدالة على صحة موقفه، محاكما بذلك كل من يحاول أن يوقع به.

 بنية الحلم وخطاب الغيب:

    تأتي بنية الحلم لتتكامل مع السرد وأسلوب المحاكمة:

أ- الحلم:

   يعاني مهران خاصة بعد الجريمتين بالرزوح تحت وطأة الأحلام والكوابيس التي تجسد رغبات مهران الباطنية وآلامها ومعاناتها. وتظهر من خلال الحديث عن رؤية مستشارين وهميين، وأنه رأى روح بواب علوان، وأنها أخبرته ألا ينزعج بقتله لأن الملايين تموت بلا سبب.غير أن أدق تعبير يتم تقديمه من خلال بنية الحلم: مانجده بعد الجريمة الأولى " مقتل شعبان": حلم بأنه يجلد في السجن، وعقب الجلد سقوه حليبا. كما رأى سناء تنهال بالسوط على رؤوف علوان في بئر السلم. وسمع قرآنا يتلى فأيقن أن شخصا قد مات. كما رأى نفسه في سيارة مطاردة عاجزة عن الانطلاق بسرعة.

ب- خطاب الغيب:

  يظهر لنا خطاب الغيب من خلال شخصية نور. فحبها لمهران جعلها تبذل أقصى ما يمكنها لتغير مسار حياته بالحب تارة وبالترغيب والترهيب تارة أخرى.كما لجأت إلى ضاربة الودع لمعرفة مستقبلها ومستقبل مهران.

 السجلات اللغوية:

   تتعدد روافد اللغة التي وظفت في المؤلف بتعدد الشخصيات. ويمكن التمييز في إطارها بين السجلات التالية:

أ- لغة سعيد مهران:

    لغة قاسية وعنيفة وساخرة تتصل بماضيه كلص محترف، ورجل له مكانته وشخصيته. وتبدو هذه اللغة في كثرة سبابه وهو يصرف أعداءه، أو في سخريته من علوان، أو في تحدثه إلى نور.

ب- اللغة الصوفية:

   يبدو هذا السجل مع الجنيدي خاصة. فلغته ذات مسحة دينية تتناص مع القرآن الكريم، ويغلب عليها الإيحاء الذي يسلب عنها بعدها الدنيوي. فكلما تحدث مهران عن سجن أو أوغاد، كان الجنيدي يقصد سجنا آخر غير مادي، والوغد عنده النفس الأمارة بالسوء.

ج- اللغة الشعبية:

    لم يكثر الروائي من استعمال اللغة العامية، ووظفها باقتصاد كبير على نحو ما نجد في نعت نور ابن صاحب مصنع الحلوى بأنه " لقطة "، أو عندما يستحضر سعيد أغنية حفظها وهو يصحب أباه إلى مقام الجنيدي " البخت والقسمة فين "، " حزر فزر ". ص 22.

د- اللغة القانونية:

    يمكن التمثيل لها بلغة علوان الذي كان يحاج مهران بالقانون، أو في نداء البوليس وهم يطلبون من مهران الاستسلام ليقدم للعدالة.

رؤيات العالم:

    تختلف رؤيات العالم باختلاف سجلات اللغة بين الرؤيات التالية:

أ- الرؤية الدينية:

    تظهر مع الجنيدي ومرتادي المقام، فهم يتعاونون ويمارسون الصلوات، وهمهم الارتقاء بأحاسيسهم إلى مستوى يتعدى الانشغال بالحياة الدنيا. ويجسد الجنيدي الصورة المثلى لهذه الرؤية لأنه يتعاطف مع مهران ويقدم له الطعام والمأوى ويفكر في هدايته، ولم يبلغ عنه رغم علمه بالجريمة.

ب- الرؤية الانتهازية:

   تبدو بجلاء في موقف الشخصيات العدوة التي تبرر سلوكها وتقتنع بأن ما تفعله هو الصحيح، وإن كان على حساب المثل والأخلاق.

ج- الرؤية العبثية:

  يجسدها مهران إذ لم يعد يرى للحياة قيمة. فقد ضاع المال وفقد زوجته وابنته، ولم يعد له عمل ولا مستقبل. فالحياة كنا ردد مقال للعبث.

د- الرؤية الشعبية:

   تبدو لدى الأوساط الشعبية المغلوبة على أمرها، وليس لها هدف الحياة سوى الاعتماد على نفسها، ونور خير مثال على ذلك. فعندما التقت مهران تشبثت به آملة أن تتغير بالحب والتفكير في الهرب لتبدأ حياة جديدة. ونجد هذه الرؤية أيضا لدى الجماهير وهي تتابع حياة مهران من خلال الصحافة.

 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-