رواية اللص والكلاب: تقويم القوى الفاعلة:

 

تقويم القوى الفاعلة:

 




    تقدم لنا الرواية ثلاثة أنماط من القوى الفاعلة: قوى إنسانية تنتمي فعلا إلى عالم الإنسان، وأخرى موسومة بصفات حيوانية تسلب عنها البعد الإنساني، وأخرى حيوانية محضة هي كلاب البوليس. إلى جانب عدد من الفواعل والعوامل التي ساهمت في تطور أحداث المتن الحكائي " كالمس^ دس والسيارة والظلام والقبر والبذلة....".

 

1.    القوى الفاعلة الإنسانية:

   تنقسم الشخصيات التي تمثلها إلى ثلاث خانات بحكم الأفعال التي تقوم بها:

1.1            الشخصية المحورية:

   يمثلها سعيد مهران باعتباره مدار كل الأفعال التي تتحقق في الرواية. وهو ابن بواب عمارة من أسرة فقيرة، تابع تعليمه حتى شارف الجامعة لكنه لم يدخلها لفقره. فعمل في السيرك، وهناك تعرف إلى نبوية التي أحبها وتزوجها ومنها أنجب سناء. احترف السرقة فنمت ثروته وكثر رجاله. ارتكب جري متي قت ^ ل خطأ فتمت مطاردته لينتهي إلى الاستسلام.

  سعيد مهران شبه مثقف، مقتنع بأن اللصوصية عمل مشروع لأنه عمل نضالي. وقد اختار له المؤلف اسم سعيد للدلالة على معنيين متناقضين: فهو سعيد بعمله لاقتناعه بأنه موجه ضد أعدائه الطبقيين، لكنه شقي لأنه لم يجر عليه إلا التعاسة. وهو مهران لأنه ماهر في سرقاته وقدرته على التمويه، لكنه غير ماهر بسبب فشله في ق^ تل خصميه وفي استسلامه.

2.1          الشخصيات الأساسية

   يمكن تقسيمها إلى محورين : خصوم ومتعاطفون:

أ‌.       الخصوم:

   من بينهم نبوية وعليش وعلوان. نبوية يتيمة وفقيرة، اشتغلت خادمة عند عجوز تركية. كانت جميلة فأحبها مهران بصدق فتزوجها لكنها خانته بعد دخوله السجن وتزوجت تابعه.

     أما عليش فيصفه مهران بأنه شخص عابر لا قيمة له، وهو ليس إلا خادما مطيعا لسيده. علاقته بنبوية كانت مبنية على الاحترام والخوف من سيده. تزوج نبوية واستولى على أملاك مهران وانتهى إلى زمرة الأثرياء الذين يحرسهم البوليس.

      في حين أن علوان لعب دورا في تشكيل شخصية سعيد مهران، لذلك أحبه كما أحب الجنيدي. لكن رؤوف تغير في شخصيته وأفكاره وحياته: مكتب فخم ومقالات تافهة، وقصر فخم وأفكار تبريرية.

    إن ما يجمع هذه الشخصيات الثلاث هو الخيانة والانتهازية. فقد كانوا يشكلون لسعيد الحياة والأمل، لكنهم وقد تغيروا لا يمكن أن يكونوا إلا أعداءه. وهناك شخصيات أخرى تدخل في نطاق الأعداء كأتباع عليش والأغنياء على حساب الشعب والبوليس.

ب‌.  المتعاطفون:

   يتحدد المتعاطفون مع سعيد في الشيخ الجنيدي ونور والمعلم طرزان.

     فالجنيدي شخصية صو- فية، وجه حياته للعبادة وله ثقافة دينية، هادئ ووديع. تعرف إليه مهران فأحبه وهو صغير، وإن كان غير قادر على فهمه. لم يتغير الجنيدي فكما تركه سعيد وجده ولقي عنده الحنان والأمان.

    أما طرزان، فشهم وابن أصول. فرح كثيرا لخروج مهران من السجن، ووفر له المس^ دس والرص^ اص. يلجأ إليه مهران في وقت الشدة. إنه مثال للأمانة وحفظ العشرة والمودة، وموقفه لم يتغير من مهران تماما كالشيخ الجنيدي.

     أما نور فكانت بائعة هوى مغلوبة على أمرها، أحبت سعيدا حبا حقيقيا لكنه كان يلتفت إلى نور، وحتى الهدايا التي كانت تعطيه إياها كان يهبها لنبوية. حافظت على حبه وفرحت لخروجه من السجن، وقدمت له بيتها مأوى، كما عملت المستحيل لتثنيه عن تنفيذ مخططه. وطالما طلبت منه الهرب للزواج وظلت مخلصة له حتى اختفائها. وبفقدانها افتقد النور الذي أضاء له الظلام وانتهى إلى العتمة.

   وهناك شخصيات أخرى من عامة الناس كانت تتعاطف مع مهران وقت تنفيذ الجري مة أو المطاردة، وإن كان من بينها من يعيب عليه ق^ تل الأبرياء. شخصية واحدة أحبها سعيد من بين شخصيات الرواية، ولم تبادله نفس الحب، وإن كان رهانه عليها قويا لتغير مجرى حياته: إنها ابنته سناء.

      2. القوى الفاعلة الحيوانية:

   تظهر لنا الشخصيات الحيوانية في الرواية وقت المطاردة. إنها الكلاب البوليسية، لا يسمع مهران إلى نباحها، وهو يحس بدنو أجله وقد سدت دونه كل المنافذ. خطأ واحد بسيط كلف مهران حياته كلها: إنه نسيانه البذلة، وهي الوسيلة الوحيدة التي اعتمدتها الكلاب للكشف عن مكانه.

 





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-